4
محمد أبانمي
...
جالستُ المُتخاصمين .. وجدت كل منهما يُصوّر انتصاراتٍ لم يدرِ عنها صاحبه !
أدار وجهه ، رد بكلمة ، أفحمه بعبارة ، أبدى هذا الموقف ، و فعلَ هذا التصرّف ..
وبنى من الظنّ ، بناء الوهن .. أنّ خصيمه مملوءٌ من الغيظ ، موبوءٌ من الكَمَد ..
فـ لا والله نكيرُكَ لم يرَ ممّ جرى ما ترى ، و لم يكن من غباءِ وهمك مهتمّ .. بل فيه مثل سوأتك ؛
يتخيّلُ كما تتخيّل ، و لما حصل يتأوّل .. و تحسبُ أنكَ غلبته ؟! ،
هو منتشي أنه قهرك ! ..
إنها خِيلةُ الذات ، و خطأ الكبرياء .. أقامَ المعركة ، و أدارَ وطيسها ، و نَصَبَ الراية .. كلّ ذلك في عقله !
نصرٌ مهزوز ، استحلاباً للكرامة ! ..
و هل كرامة الرجال في غيرِ حفظِ الوِد ، و ماضي العهد ؟! .. و التنزه عن انتصارِ على مَن لك يوماً أدانَ ظلّه و أبانَ خباياه ؟!
فـ ليست العزة ارتقاء على ظهر مؤمن ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ..
...
من حادثة الإفك .. استخلصتُ رجولة محمد - صلى الله عليه و سلم - لا كما فهم الرجولة بعض ( الأشناب ) !
تضجّ المدينة حول خبر زوجته .. بين مُصرّح بالقذف و مُشكّك فيه ، و هي باقية في بيته ، لم يحرمها حق ليلتها
ولا عدلاً قاسمها أزواجه ..
شهر .. المدينة تتحدث ، و الحرة الطاهرة غافلة .. حبيبته في كنفه ، ينزع عند بابها رداءٌ ملؤه أشواك اللمز و
الغمز و الهمز ، لا يشاطرها - فيها - أوجاعه ..
شهران .. و الرجولات تغلي فوق جمرة الأعراض ، تثور بالخلاص موتٌ أو فراق .. ليرسمَ شخصية الرجل صبراً
و حِلماً " ما عَلِمتُ على أهلي إلا خيراً " ..
غاية فعله نحوها .. حين لم ينسَ أنه نبيّ و ربه ألزمه بـ ( رسالة ) ، ليطأ قلبه و يخنق همّه ، و يكون الرؤوف
الرحيم في دعوته حتى في أحلكِ ظروفه " وإن كنتِ ألممتِ بذنب فاستغفري الله و توبي إليه ،
فإنّ العبد إذا اعترف بذنبٍ ثم تابَ ، تاب الله عليه " ..
بأبي أنت و أمي ما أعظم خالقاً أعظمَ خُلقك
...
من واقعنا :
الأب ضعيف التواصل مع ابنته المتزوّجة ، الأخ كذلك ، هم يعلمون عمّا تعانيه لكن لا يتحرّكون ! .. أجمعوا تقريباً على أنّ " المرأة إذا تزوّجت ليس لها إلا زوجها " .. عجبي ! ، و هل هي ( همّ ) كان يُنتظَر رحيله ؟! ..
ثمّ هي ليست بأحسنِ حال قبل زواجها .. من النادر أن تجدَ فتاةً عشرينيّة تحضنُ أباها ! ، أما علاقة الأخ و الأخت فهي شبه مُغيّبة ؛ لا تتعدّ إنجاز المشاوير ! ..
و ما أسوأ الهروب حين نقول : " البنت ليس لها إلا أمها " ! ..
ألم يكن المصطفى - صلى الله عليه و سلم - رفيق ابنته طيلة حياتها ؟! .. ترحيباً بطلعتها يقف ، يُقبّل ..
كان لجأها ؛ شكته زوجها في أقسى ملمّاتها حين أراد الزواج عليها و في أهونها حين طلبته خادماً لها ،
وقد شاركَ الزوجين جلوساً على فراشهما لعمقِ التحامه بها ! ..
فـ ليُقصَر حاجز فصل الجنسين في البيت الواحد ، و لتُزرع ثقافة ( العيب ) من الدين لا التقاليد
...
على عتبة المسجد .. سئمت تُهدهد ابنها الذي أجهدها عويله ؛ تتطلّع للمصلي الأخير المُستغرق في نافلته .. رأته يُسلّم ، و هَمّ باستغفاره في مسيرِ خروجه .. مدّ يده في جيبه و مدّت بصرها لضئيل عطائه ، و في هدأة نفسها المُتنهّد يتقطّع شريان اللهف ، ليكسرَ عينها الجائعة و هو يتأمّل وارد جوّاله ! ..
...
محمد أبانمي
...
جالستُ المُتخاصمين .. وجدت كل منهما يُصوّر انتصاراتٍ لم يدرِ عنها صاحبه !
أدار وجهه ، رد بكلمة ، أفحمه بعبارة ، أبدى هذا الموقف ، و فعلَ هذا التصرّف ..
وبنى من الظنّ ، بناء الوهن .. أنّ خصيمه مملوءٌ من الغيظ ، موبوءٌ من الكَمَد ..
فـ لا والله نكيرُكَ لم يرَ ممّ جرى ما ترى ، و لم يكن من غباءِ وهمك مهتمّ .. بل فيه مثل سوأتك ؛
يتخيّلُ كما تتخيّل ، و لما حصل يتأوّل .. و تحسبُ أنكَ غلبته ؟! ،
هو منتشي أنه قهرك ! ..
إنها خِيلةُ الذات ، و خطأ الكبرياء .. أقامَ المعركة ، و أدارَ وطيسها ، و نَصَبَ الراية .. كلّ ذلك في عقله !
نصرٌ مهزوز ، استحلاباً للكرامة ! ..
و هل كرامة الرجال في غيرِ حفظِ الوِد ، و ماضي العهد ؟! .. و التنزه عن انتصارِ على مَن لك يوماً أدانَ ظلّه و أبانَ خباياه ؟!
فـ ليست العزة ارتقاء على ظهر مؤمن ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ..
...
من حادثة الإفك .. استخلصتُ رجولة محمد - صلى الله عليه و سلم - لا كما فهم الرجولة بعض ( الأشناب ) !
تضجّ المدينة حول خبر زوجته .. بين مُصرّح بالقذف و مُشكّك فيه ، و هي باقية في بيته ، لم يحرمها حق ليلتها
ولا عدلاً قاسمها أزواجه ..
شهر .. المدينة تتحدث ، و الحرة الطاهرة غافلة .. حبيبته في كنفه ، ينزع عند بابها رداءٌ ملؤه أشواك اللمز و
الغمز و الهمز ، لا يشاطرها - فيها - أوجاعه ..
شهران .. و الرجولات تغلي فوق جمرة الأعراض ، تثور بالخلاص موتٌ أو فراق .. ليرسمَ شخصية الرجل صبراً
و حِلماً " ما عَلِمتُ على أهلي إلا خيراً " ..
غاية فعله نحوها .. حين لم ينسَ أنه نبيّ و ربه ألزمه بـ ( رسالة ) ، ليطأ قلبه و يخنق همّه ، و يكون الرؤوف
الرحيم في دعوته حتى في أحلكِ ظروفه " وإن كنتِ ألممتِ بذنب فاستغفري الله و توبي إليه ،
فإنّ العبد إذا اعترف بذنبٍ ثم تابَ ، تاب الله عليه " ..
بأبي أنت و أمي ما أعظم خالقاً أعظمَ خُلقك
...
من واقعنا :
الأب ضعيف التواصل مع ابنته المتزوّجة ، الأخ كذلك ، هم يعلمون عمّا تعانيه لكن لا يتحرّكون ! .. أجمعوا تقريباً على أنّ " المرأة إذا تزوّجت ليس لها إلا زوجها " .. عجبي ! ، و هل هي ( همّ ) كان يُنتظَر رحيله ؟! ..
ثمّ هي ليست بأحسنِ حال قبل زواجها .. من النادر أن تجدَ فتاةً عشرينيّة تحضنُ أباها ! ، أما علاقة الأخ و الأخت فهي شبه مُغيّبة ؛ لا تتعدّ إنجاز المشاوير ! ..
و ما أسوأ الهروب حين نقول : " البنت ليس لها إلا أمها " ! ..
ألم يكن المصطفى - صلى الله عليه و سلم - رفيق ابنته طيلة حياتها ؟! .. ترحيباً بطلعتها يقف ، يُقبّل ..
كان لجأها ؛ شكته زوجها في أقسى ملمّاتها حين أراد الزواج عليها و في أهونها حين طلبته خادماً لها ،
وقد شاركَ الزوجين جلوساً على فراشهما لعمقِ التحامه بها ! ..
فـ ليُقصَر حاجز فصل الجنسين في البيت الواحد ، و لتُزرع ثقافة ( العيب ) من الدين لا التقاليد
...
على عتبة المسجد .. سئمت تُهدهد ابنها الذي أجهدها عويله ؛ تتطلّع للمصلي الأخير المُستغرق في نافلته .. رأته يُسلّم ، و هَمّ باستغفاره في مسيرِ خروجه .. مدّ يده في جيبه و مدّت بصرها لضئيل عطائه ، و في هدأة نفسها المُتنهّد يتقطّع شريان اللهف ، ليكسرَ عينها الجائعة و هو يتأمّل وارد جوّاله ! ..
...
...
في زمن خالد ..
أبها تشتكي الجدب ،
و هي صاحبة المطر ! ..
جدة تشتكي الفيض ،
و هي ساكنة الدهر ! ..
ما لِتعبير السماء - في ولايته - ضرر ؟! ..
...
و بعدما انتهت من تشكّيها ، و سَرَدت له كافة محاولاتها المُنهِكة لاستمالة قلبه .. حدّثها مستشارها
الاجتماعي عن طبيعة شخصيته ، خصائص ذاته ، و كيف تتعامل معه ! ..
قالت بزفراتٍ مُتقطّعة : أ يلزمُ أن نكون كـ قلوبهم الصّلدة ليشحذوا عواطفنا ؟! ، نتعامى عن جميل صنائعهم
ليبحثوا في شخصياتنا ؟! التي نسيناها و نحنُ نتشكّل كما يشتهون ! ..
...
أتعلمون ؟! .. ما هي أوجع الذكريات التي تلوحُ بـ خيالاتنا عن ( قريبٍ ) .. رَحَل ! ..
إنها اللحظات .. التي قصّرنا فيها بالعطاء ! ..
وأشنع الصور التي تُجرّعنا الندم .. هي تلك التي تـَردّدَ فيها صدى مطالبهم ؛ و أهملناها بـ برود ! ..
فـ احرصوا على أرواحٍ بين أيديكم .. ما يأملونَ منكم ؛ أقل عَدّاً من أنفاسِهم الباقية
...
0 التعليقات:
إرسال تعليق